الخميس، 18 أبريل 2013

الاِبتداع المذموم والتَّحذير منه ...

الإمام المحدِّث / محمَّد ناصر الدين الألباني - رحمهُ اللهُ تعالىٰ - : إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله مِن شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أنْ لا إلـٰه إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله ، أمَّا بعد :
فإنَّ خير الكلام كلام الله ، وخير الهَدْيِ هَدْيُ محمدٍ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ، وشرَّ الأمور محدثاتها ، وكلّ محدثةٍ بدعة ، وكلّ بدعةٍ ضلالة ، وكلّ ضلالةٍ في النَّار .
 لعلَّ الإخوان الحاضرين جميعاً ، يعلمون مِن دلالة هٰذا الحديث وأمثاله ، مما هو ثابتٌ في كتب السُّنَّة وصحيح الإسناد إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ،
كحديث عائشة : « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ » ،
وكحديث العرباض بن سارية رضي الله تعالىٰ عنه قال : (( وعظنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم موعظةً وَجِلَتْ منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا : يا رسول الله ، أوصنا ؟ قال : « أُوصيكم بتقوى الله والسَّمع والطَّاعة وإنْ وُلِيَ عليكم عبدٌ حبشيّ ، وإنَّهُ مَن يَعِشْ منكم فسيرىٰ اِختلافاً كثيراً ، فعليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء الرَّاشدين المهدييِّن مِن بعدي ، عضُّوا عليها بالنَّواجذ وإيَّاكم ومحدثات الأُمور ، كلّ محدثةٍ بدعة ، وكلّ بدعةٍ ضلالة » )) .
هٰذه الأحاديث تؤكد ما أظنه أنكم تفهمونه وتعتقدونه : أنَّ الاِبتداع في الدِّين كله ضلال ، وأعني في الدِّين ، لأنَّ الاِبتداع المذموم هو خاصٌ في الدِّين .
وأمَّا في أمور الدُّنيا : فمنه ما هو ممدوح ، ومنه ما هو مذموم ، حسب هٰذا المحدث إذا كان عارض شرعاً فهو مذموم ، وإذا لم يعارض شرعاً فهو على الأقل جائز ،
ومن أحسن ما يُنقل في هٰذه المناسبة :
كلمة شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمهُ اللهُ - حيث أنَّهُ وضع قاعدةً هامَّةً جداً اِستنبطها من تلك الأحاديث زايد من نصوصٍ أخرىٰ تدلُّ علىٰ أنَّ الأصل في الأشياء الإباحة .
وهٰذه قاعدةٌ أصوليَّة ، فقالَ - رحمهُ اللهُ - : (( الأصل في الدِّين هو الاِمتناع إلَّا بنص ، والأصل في الدُّنيا الجواز إلَّا بنص )) .
 فهو يعني : كل محدث في الدِّين ممنوع ، أمَّا المحدث في الدُّنيا فهو مباح إلَّا إنْ عارض نصًّا كما ذكرنا ، ثمَّ ممَّا ينبغي التَّنبيه عليه : هو أن قوله عليه السَّلام :« وإيَّاكم ومُحدثات الأُمور ».
 إنَّما يعني : كلّ عبادة حدثت بعد النَّبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم فتكون ضلالةً وإنْ كان في ظن كثير من النَّاس يحسبونها أنها حسنة ، وبحقٍّ ،
قال عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (( كلُّ بدعةٍ ضلالةٍ وإنْ رآها النَّاس حسنة )) ، ذٰلك لأنَّ الاِسْتحسان في الدِّين معناه أنَّ هٰذا المستحسن قرن نفسه مع ربِّ العالمين الَّذي ليس لأحد سواه أنْ يشرع إلَّا ما شاء الله عزَّ وجلَّ !،
 ولهٰذا قال الإمام الشَّافعي - رحمهُ اللهُ - : (( مَن اِسْتحسن فقد شَرع )) ،
لأنَّهُ ما يُدري هٰذا المستحسِن أنَّ هٰذا الَّذي اِسْتحسنه بعقله وفكره فقط ، ولم يستمد ذٰلك من كتاب ربِّه أو من سنَّة نبيه ، مِن أين له أن يعرف أنَّ هٰذا أمرٌ حسن ؟!
لهٰذا يجب أن يكون موقفنا جميعاً مِن كل محدثةٍ في الدِّين الاِمتناع عنها بما سبق ذكره مِن أحاديث صحيحة .اهـ.
([ « الفتوى الأولى المستخرجة من الشَّريط الأوَّل مِن سلسلة الهُدىٰ و النور » ])

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق