قالَ الإمامُ
البخاريُّ
(ت: 256هـ) -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالىٰ- في "صحيحه" (9/93): حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ،
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، قَالَ: "يَا مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ! اِسْتَقِيمُوا فَقَدْ سَبَقْتُمْ سَبْقًا
بَعِيدًا، فَإِنْ أَخَذْتُمْ يَمِينًا وَشِمَالًا لَقَدْ ضَلَلْتُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا".اهـ.
قالَ الحافظ
بدر الدِّين العينيُّ (ت:
855هـ)
-رَحِمَهُ
اللهُ تَعَالَىٰ- في
كتابه
"عُمدة
القاري":
مطابقته للتَّرجمة، في قوله: "اِسْتَقِيمُوا"، لأنَّ الاسْتقامة هي الاقتداء بسُنن الرَّسول -صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وأبُو نُعيم،
الفضل بن دكين، وسُفيان هُوَ الثّوري، والأعمش هو سُليمان، وإبراهيم هو النَّخعي، وهمَّام،
بتشديد الميم، هُو ابن الحارث، ورجال السَّند كلّهم كوفيّون.
قوله: "يَا مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ"، بضمّ القاف، قارىء، والمُراد بهم: العُلماء
بالقرآن والسُّنة، والعُباد، وكان في الصَّدر الأوَّل إذا أطلقوا "القُرَّاء" أرادوا بهم العُلماء.
قوله: "اِسْتَقِيمُوا"، أيْ: اسْلكوا طريق الاسْتقامة، وهُو كناية عن
التَّمسك بأمر الله فعلًا وتركًا، قوله: "فَقَدْ سَبَقْتُمْ"، على صيغة المجهول، يعني: لازموا الكتاب والسُّنة، فإنَّكم مسبوقون
سبقًا بعيدًا، أيْ: قويًّا متمكنًا، فربَّما يلحقون بهم بعض
اللُّحوق.
قوله: "فَإِنْ أَخَذْتُمْ يَمِينًا وَشِمَالًا"، أيْ: خالفتم الأمر وأخذتم غير طريق الاسْتقامة؛
"فَقَدْ ضَلَلْتُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا"، أيْ: قويًّا مُتمكّنًا، قالَ اللهُ تَعَالَى:
﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ
وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ
بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ ﴿الأنْعام:
153﴾".اهـ.
([«عمدة القاري شرح صحيح البُخاري» /
(35/386)])
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق