الاثنين، 11 مارس 2013

مفهوم « السُّنَّة »


السُّنَّة في اللُّغة: الطَّريقة، ومنه قالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لتركبنَّ سنن مَنْ كان قبلكم" (1)؛ يعني: طريقتهم.

وفي الاِصْطلاح: هي قول النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفعله وإقراره.

فتشمل الواجب والمستحب.

والسُّنَّةُ هي المصدر الثَّاني في التَّشريع.

ومعنى قولنا: «المصدر الثَّاني»: يعني: في العدد، وليس في التَّرتيب؛ فإنَّ منزلتها إذا صحَّت عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كمنزلة القُرآن.

لكن النَّاظر في القُرآن يحتاج إلىٰ شيء واحد، وهو صحَّة الدَّلالة على الحكم، والنَّاظر في السُّنة يحتاج إلى شيئين:

الأوَّل: صحَّة نسبتها إلى الرَّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

والثَّاني: صحَّة دلالتها على الحكم.

فكان المُستدل بالسُّنَّة يُعاني من الجهد أكثر ممَّا يُعانيه المستدل بالقُرآن؛ لأنَّ القُرآن قد كفينا سنده؛ فسنده متواتر، ليس فيه ما يوجب الشَّك؛ بخلاف ما ينسب إلى الرَّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فإذا صحَّت السُّنَّة عن رسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ كانت بمنزلة القرآن تمامًا في تصديق الخبر والعمل بالحكم:

كما قال تعالى: ﴿وَأَنزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾. ﴿النِّساء: 113﴾.

وقالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا ألفينَّ أحدكم مُتكئاً علىٰ أريكته؛ يأتيه الأمر مِنْ أمري؛ يقولُ: لا ندري! ما وجدنا في كتاب الله اِتَّبعناه، ألا وإنِّي أوتيتُ الكتاب ومثله معه) (2).

ولهٰذا كان القول الصَّحيح أنَّ القُرآن يُنسخ بالسُّنَّة إذا صحَّت عنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنَّ ذٰلك جائزٌ عقلاً وشرعًا، ولكن ليسَ لهُ مثالٌ مستقيم. (3).اهـ.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رواه البخاري ( 3456 )، ومسلم ( 2669 )، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.

(2) رواه أحمد ( 4 / 132 )، وأبو داود ( 4605 )، والترمذي ( 2663 )، وابن ماجه ( 13 )، والحاكم ( 1 / 109 )، وقد أطال الشَّيخ أحمد شاكر في تعليقه على " الرسالة " للشافعي ( ص : 9 ) تخريج هذا الحديث وتصحيحه.
وانظر " الحديث حجّة بنفسه في العقائد والأحكام " للألباني، فقد صحّحه.

(3) وهو قول الجمهور كما حكاه عنهم الشّوكاني في " إرشاد الفحول " ( ص : 191 ).


([ «شرح العقيدة الواسطيَّة» لفضيلة الشَّيخ محمَّد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى- / (1 / 5، 6) / طبعة: دار ابن الجوزي ])

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق