قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي في آخر ” الدرة البهية شرح القصيدة التائية في حل المشكلة القدرية ” [ من صفحة : 71 ] :
” اعلم أن الآجال والأرزاق كسائر الأشياء مربوطة بقضاء الله وقدره ، فالله تعالى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر؛ {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} [لأعراف:34] ، فهذا أمر لا ريب فيه ولا شك ، ومع ذلك فهي أيضا كغيرها لها أسباب دينية وأسباب طبيعية مادية ، والأسباب تبع قضاء الله وقدره. ولو كان شيء سابق القضاء والقدر من الأسباب لسبقه العين؛ لقوتها ونفوذها.
وذلك: أن الله يجازي العبد من جنس عمله، فمن وصل رحمه وصل الله أجله ورزقه وصلا حقيقيا ، وضده: من قطع رحمه قطعه الله في أجله وفي رزقه. ، وقال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق:2، 3] .
فالمعامل بالربا يمحق صاحبه، ويمحق ماله، وإن تمتع به قليلا، فمآله إلى المحق والقل. كما أن المتصدق يفتح الله له من أبواب الرزق ما لا يفتحه على غيره ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ما نقصت صدقة من مال، بل تزيده – ثلاثا- ) 2 ، وكذلك الغش وأكل أموال اليتامى والأوقاف بغير حق؛ من أكبر أسباب المحق؛ مع ما على صاحبها من الإثم والعقوبة.
والمسكن والبقعة: إذا كانت صحيَّة طيبة الهوى ، صارت من أسباب عافية أهلها وطول أعمارهم والعكس بالعكس ، البقاع الرديئة المناخ والهوى ، أو البقاع الوبية سبب لقصر العمر، كما هو مشاهد ، والتوقي عن المخاطر والتهالك، واستعمال الأسباب الواقية فائدتها في طول العمر ظاهرة، والإلقاء بالنفس إلى التهلكة، وسلوك المخاطر وكل أمر فيه خطر سبب ظاهر للهلاك. والأمثلة في هذا كثيرة.
وكذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: 267] ، إلى غير ذلك من الآيات.
وكل هذه الأمور تابعة لقضاء الله وقدره ، فإن الله تعالى قدر الأمور بأسبابها: فالأسباب والمسببات من قضاء الله وقدره ، ولهذا لما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله أرأيت أدوية نتداوى بها وتقاة نتقيها، ورقي نسترقيها؛ هل ترد من قضاء الله وقدره شيئا؟ فقال: ( هي من قضاء الله وقدره ) 3.
وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم الأمر؛ بالعمل بكل سبب نافع، مع الاستعانة بالله ، كما ثبت في الصحيح مرفوعا: ( احرص على ما ينفعك واستعن بالله ) 4.
فهذا أمر بالحرص على الأسباب النافعة في الدين والدنيا، مع الاستعانة بالله. لأن هذه: الاستقامة.
2- أو يشتغل بها، ولكن يتوكل على حوله وقوته، وينظر إلى الأسباب ويتعلق جميع قلبه بها، وينقطع عن مسببها.
3- أو لا يشتغل بالأسباب النافعة ويزعم: أنه متوكل على الله، فإن التوكل لا يكون إلا بعد العمل بالأسباب.
فهذا الحديث بين به النبي صلى الله عليه وسلم الطرق النافعة للعباد .
ولنقصر على هذا: فإنه يحصل به المقصود، والله أعلم .
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
قال ذلك وكتبه: عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي
. غفر الله له ولوالديه وجميع المسلمين.
وافق الفراغ منه: في 3 ربيع الأول سنة 1376هـ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 البخاري (5986) ومسلم (557) (21)
2 رواه مسلم (2577) (69) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بدون قوله: ” بل تزيده ثلاثا “.
3 رواه الترمذي (2065) و ابن ماجة (749) وضعفه الشيخ الألباني رحمه الله .
4 رواه مسلم (2664) (34)
” اعلم أن الآجال والأرزاق كسائر الأشياء مربوطة بقضاء الله وقدره ، فالله تعالى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر؛ {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} [لأعراف:34] ، فهذا أمر لا ريب فيه ولا شك ، ومع ذلك فهي أيضا كغيرها لها أسباب دينية وأسباب طبيعية مادية ، والأسباب تبع قضاء الله وقدره. ولو كان شيء سابق القضاء والقدر من الأسباب لسبقه العين؛ لقوتها ونفوذها.
- فمن الأسباب الدينية لطول العمر وسعة الرزق:
وذلك: أن الله يجازي العبد من جنس عمله، فمن وصل رحمه وصل الله أجله ورزقه وصلا حقيقيا ، وضده: من قطع رحمه قطعه الله في أجله وفي رزقه. ، وقال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق:2، 3] .
- ومن الأسباب الدينية لقطع طول العمر:
- ومن الأسباب الدينية لمحق الرزق:
فالمعامل بالربا يمحق صاحبه، ويمحق ماله، وإن تمتع به قليلا، فمآله إلى المحق والقل. كما أن المتصدق يفتح الله له من أبواب الرزق ما لا يفتحه على غيره ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ما نقصت صدقة من مال، بل تزيده – ثلاثا- ) 2 ، وكذلك الغش وأكل أموال اليتامى والأوقاف بغير حق؛ من أكبر أسباب المحق؛ مع ما على صاحبها من الإثم والعقوبة.
- ومن أسباب طول العمر وقصره الطبيعية:
والمسكن والبقعة: إذا كانت صحيَّة طيبة الهوى ، صارت من أسباب عافية أهلها وطول أعمارهم والعكس بالعكس ، البقاع الرديئة المناخ والهوى ، أو البقاع الوبية سبب لقصر العمر، كما هو مشاهد ، والتوقي عن المخاطر والتهالك، واستعمال الأسباب الواقية فائدتها في طول العمر ظاهرة، والإلقاء بالنفس إلى التهلكة، وسلوك المخاطر وكل أمر فيه خطر سبب ظاهر للهلاك. والأمثلة في هذا كثيرة.
- ومن الأسباب المادية في حصول الرزق وسعته:
وكذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: 267] ، إلى غير ذلك من الآيات.
وكل هذه الأمور تابعة لقضاء الله وقدره ، فإن الله تعالى قدر الأمور بأسبابها: فالأسباب والمسببات من قضاء الله وقدره ، ولهذا لما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله أرأيت أدوية نتداوى بها وتقاة نتقيها، ورقي نسترقيها؛ هل ترد من قضاء الله وقدره شيئا؟ فقال: ( هي من قضاء الله وقدره ) 3.
- وكذلك: الأدعية المتنوعة :
وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم الأمر؛ بالعمل بكل سبب نافع، مع الاستعانة بالله ، كما ثبت في الصحيح مرفوعا: ( احرص على ما ينفعك واستعن بالله ) 4.
فهذا أمر بالحرص على الأسباب النافعة في الدين والدنيا، مع الاستعانة بالله. لأن هذه: الاستقامة.
- وذلك لأن الانحراف من أحد أمور ثلاثة:
2- أو يشتغل بها، ولكن يتوكل على حوله وقوته، وينظر إلى الأسباب ويتعلق جميع قلبه بها، وينقطع عن مسببها.
3- أو لا يشتغل بالأسباب النافعة ويزعم: أنه متوكل على الله، فإن التوكل لا يكون إلا بعد العمل بالأسباب.
فهذا الحديث بين به النبي صلى الله عليه وسلم الطرق النافعة للعباد .
ولنقصر على هذا: فإنه يحصل به المقصود، والله أعلم .
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
قال ذلك وكتبه: عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي
. غفر الله له ولوالديه وجميع المسلمين.
وافق الفراغ منه: في 3 ربيع الأول سنة 1376هـ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 البخاري (5986) ومسلم (557) (21)
2 رواه مسلم (2577) (69) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بدون قوله: ” بل تزيده ثلاثا “.
3 رواه الترمذي (2065) و ابن ماجة (749) وضعفه الشيخ الألباني رحمه الله .
4 رواه مسلم (2664) (34)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق